كلام من نور

من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الأمور (الامام علي عليه السلام)

الاستفتاءات اليومية

نسأل سماحتكم حول فقه الحاسب الآلي ( الكومبيوتر ) ، حيث أن التعامل بالبرامج المشغلة لنُظم الحاسب الآلي كثيرة ، ولها شركات أجنبية غير مسلمة مصنِّعة لها ، وهي تحظر التبادل بها إلا من خلال ضوابط تضعها هي ، ولكن يوجد علم وفن الاستنساخ لتلك البرامج ، حتى أن البرامج المشغلة كبرامج نسخة ويندوز ( windows ) أو غيرها ، أو البرامج الفرعية ، فيقوم بعض الناس بعملية النسخ غير الأصلية بأسعار معقولة وممكنة الشراء ، مع العلم بعدم رضا تلك الشركات المبرمجة لها ، بل وتعتبر في اصطلاحها ( سرقة ) ، سواء للبرامج نفسها ، أو ما يسمونها سرقة لحقوق النسخ ، فهل يعتبر للمتعاقد مباشرة مع تلك الشركات العالمية شرطاً ملزماً شرعاً ؟

الظاهر أن الشرط المذكور ملزِم شرعاً ، لأنه نحو من العهد ، وقد أكَّدت الآيات والأحاديث على الوفاء بالعهد ، قال الله تعالى : ( وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) [ الإسراء : 34 ] . وفي معتبر الحسين بن مصعب ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال : ( ثلاث [ ثلاثة ] لا عذر لأحد فيها : أداء الأمانة إلى البرِّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرِّ والفاجر ، وبرِّ الوالدين برَّين كانا أو فاجرين ) [ وسائل الشيعة : ج : 13 ، ص : 221 ] ، وقريب منه معتبر مصعب بن عنبسة . نعم إذا نقضوا هم العهد بنقض بعض الشروط لم يكن الشرط ملزماً ، كما أنه إذا لم يرجع الحظر المذكور إلى الشرط في ضمن المعاملة لم يكن ملزماً رأساً .

المشهور أنه يكره تزويج الإمامية من المخالف ، ولهذا العلماء في الخليج ( حفظهم الله ) يمتنعون من إجراء العقد بينهما لعل الفتاة أو أهلها يرتدعون عن ذلك ، والذي يحصل في بعض الأحيان أنهما يصران على التزويج من بعضهما البعض ، أو أن وليهما يشترط أن يكون العقد عند الشيعة دونهم ، مع ذلك العلماء يمتنعون من إجراء العقد ووليها لا يقبل إلا أن يكون العقد عند الشيعة ، فبهذا الأمر لعله يسبب وقوعهما في المعصية ، فنرجو أن توضحوا لنا هذا الموضوع الحساس ، لأنه موضع ابتلاء .

يحسن الاهتمام بمنع وقوع هذا الأمر المكروه بالامتناع عن إجراء العقد ، إلا أن ذلك قد يزاحم بجهة راجحة أو لازمة تتوقف على الاعتراف بالواقع ، فلا ينبغي مع ذلك الامتناع بالنحو المذكور ، ولا سيَّما وأن إجراء العقد قد يكون سبباً في تحلل عقد الزوج ، ونظره للحق نظرة واقعية بعيدة عن التعصّب تقربه من الاعتراف به واعتناقه ، والحكمة ومرونة التصرف فوق كل شيء ما لم تخرج عن الحدِّ الشرعي .

ارشيف الاخبار