قراءة المقتل الحسيني-1

2017/06/04 5335

كلام من نور

من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الأمور (الامام علي عليه السلام)

الاستفتاءات اليومية

بما أن رب العالمين لا يرضى بالمعصية ولا الفسق ولا الفجور ، ولا يرضى بكل ما يؤدي إلى الخروج عن طاعة الله ، وإلى سوء الخلق ، وبالتالي تفشي الشر بدل الخير ، فلماذا جعل ذلك في البشر منذ بدء الخليقة ؟

لم يجعل الله جل جلاله ذلك في البشر قسراً عليه ، وإنما جعل فيه القدرة عليه وملكه اختياره له ، ولولا الاختيار لم يكن المحسن محسناً ولا المسيء مسيئاً . ولولا وجود من يختار الشر ويدعو إليه ويسعى له ويجهد في تعميمه لم يظهر فضل فعال الخير والداعي له ، ولا ظهر فضل الصبر والثبات عليه ، ولا فضل الجهاد والتضحيات في سبيله ، ولا فضل الإخلاص ونكران الذات من أجله ، حتى أريقت الدماء الزكية لإرواء شجرته ، وظهرت الطاقات المبدعة لتثبيت دعوته . وبذلك استحق أهله في الحياة الدنيا بالثناء الجميل والفوز في الآخرة بالثواب الجزيل ، وحازوا أفضل درجات المقربين ، وأعلى منازل المقربين ، وفازوا برضوان من الله أكبر . هذا ما يتيسر لنا معرفته من فائدة ذلك ، وإن قصرت معرفتنا عن جميع جهات الحكمة في أفعاله جلَّ شأنه : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 30 ] . فسبحان من لا يسأل عن فعله لكمال حكمته وهم يسألون ، والحمد لله رب العالمين .

مؤمن أراد أن يشتري سيارة من الدولة ، فهل يجب عليه الحصول على إذن الحاكم الشرعي ؟ أو لا ؟ باعتبارها مجهولة المالك ، وهل يجب أخذ الإذن من الحاكم الشرعي عند شراء الأطعمة والمواد التموينية من الأسواق الحكومية ؟ وكذلك عند شراءه قطعة أرض حكومية ؟ والعلاج في المستشفيات الحكومية ؟ وشراء الأدوية منها ؟ وشراء الكتب من المكتبات الحكومية ، ومعارض الكتاب التي تقيمها الدولة ؟ وشراء الملابس من الأسواق الحكومية ؟ فهل يجب في كل ذلك الحصول على إذن الحاكم الشرعي ؟

يجب مراجعة الحاكم الشرعي لتنظيم عملية القبض في كل مادة مرت عليها يد المسلمين ، وتعاقبت عليها أيديهم ، بخلاف المواد التي بدأت الدولة بأخذها من دون أن تمر بأيدي المسلمين ، كالمواد المستوردة من بلاد الكفر ، والتي تتولى الدولة تصنيعها بعد أخذ موادها الأولية من الخارج ، ومنها النقود غير المستعملة ( البلوك ) ، فإنه يجوز أخذها من الدولة بلا حاجة إلى مراجعة .

من المعروف أن الفصل العشائري في دية النفس له أصل شرعي ، حيث أن من المعلوم أن المقتول له دية شرعاً في بعض الحالات ، ولكن من يستحق الدية ؟ ولمن تعطى ؟ وهل يجوز إعطاء بعضها إلى أفراد العشيرة ؟ أو إعطاء قسم منها للفاتحة ؟ وإذا وصل لبعض أفراد العشيرة حصة منها فهل يجوز له أخذها خاصة فيما إذا كان بعض أولاد الميت قاصرين ؟

الدية لورثة الميت عدا الإخوة للأم فقط ، فإنهم لا يرثون من الدية ، وحينئذ لا يجوز لأفراد العشيرة أخذ شيء من الدية بدون رضا الورثة المذكورين ، وإذا كان فيهم قاصر فلا يكفي رضاه ، بل لا بُدَّ من عزل حصته له بتمامها ، ويجوز الأخذ من حصة غيره برضاه . والأمل بالمؤمنين الالتزام بأحكام الله تعالى وعدم الخروج عنها لأحكام الجاهلية الجهلاء ، فقد قال عزَّ من قائل : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) [ المائدة : 50 ] ، وقال تعالى : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [ المائدة : 47 ] ، وقال سبحانه : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [ المائدة : 45 ] وقال عزَّ وجل : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) [ المائدة : 44 ] ، وقال جلت آلاؤه : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور : 63 ] ، وكفى بتهديد الله تعالى رادعاً للمؤمنين ، فـ( إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) [ الرعد : 11 ] . ونسأله سبحانه التوفيق لما يحب ويرضى ، وهو أرحم الراحمين .

ارشيف الاخبار