من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الأمور (الامام علي عليه السلام)
من حق الزوج الرجوع فيما قاله ، لأنه من سنخ الوصية التي يجوز للموصى الرجوع فيها ما دام حياً ، وحينئذ إذا رجع بقيت الدار ، له ولا ترجع ميراثاً ، بل هي تبقى له حتى إذا لم يرجع في الوصية وله بيعها والتصرف فيها .
لم يجعل الله جل جلاله ذلك في البشر قسراً عليه ، وإنما جعل فيه القدرة عليه وملكه اختياره له ، ولولا الاختيار لم يكن المحسن محسناً ولا المسيء مسيئاً . ولولا وجود من يختار الشر ويدعو إليه ويسعى له ويجهد في تعميمه لم يظهر فضل فعال الخير والداعي له ، ولا ظهر فضل الصبر والثبات عليه ، ولا فضل الجهاد والتضحيات في سبيله ، ولا فضل الإخلاص ونكران الذات من أجله ، حتى أريقت الدماء الزكية لإرواء شجرته ، وظهرت الطاقات المبدعة لتثبيت دعوته . وبذلك استحق أهله في الحياة الدنيا بالثناء الجميل والفوز في الآخرة بالثواب الجزيل ، وحازوا أفضل درجات المقربين ، وأعلى منازل المقربين ، وفازوا برضوان من الله أكبر . هذا ما يتيسر لنا معرفته من فائدة ذلك ، وإن قصرت معرفتنا عن جميع جهات الحكمة في أفعاله جلَّ شأنه : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 30 ] . فسبحان من لا يسأل عن فعله لكمال حكمته وهم يسألون ، والحمد لله رب العالمين .
يجب مراجعة الحاكم الشرعي لتنظيم عملية القبض في كل مادة مرت عليها يد المسلمين ، وتعاقبت عليها أيديهم ، بخلاف المواد التي بدأت الدولة بأخذها من دون أن تمر بأيدي المسلمين ، كالمواد المستوردة من بلاد الكفر ، والتي تتولى الدولة تصنيعها بعد أخذ موادها الأولية من الخارج ، ومنها النقود غير المستعملة ( البلوك ) ، فإنه يجوز أخذها من الدولة بلا حاجة إلى مراجعة .
الدية لورثة الميت عدا الإخوة للأم فقط ، فإنهم لا يرثون من الدية ، وحينئذ لا يجوز لأفراد العشيرة أخذ شيء من الدية بدون رضا الورثة المذكورين ، وإذا كان فيهم قاصر فلا يكفي رضاه ، بل لا بُدَّ من عزل حصته له بتمامها ، ويجوز الأخذ من حصة غيره برضاه . والأمل بالمؤمنين الالتزام بأحكام الله تعالى وعدم الخروج عنها لأحكام الجاهلية الجهلاء ، فقد قال عزَّ من قائل : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) [ المائدة : 50 ] ، وقال تعالى : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [ المائدة : 47 ] ، وقال سبحانه : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [ المائدة : 45 ] وقال عزَّ وجل : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) [ المائدة : 44 ] ، وقال جلت آلاؤه : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور : 63 ] ، وكفى بتهديد الله تعالى رادعاً للمؤمنين ، فـ( إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) [ الرعد : 11 ] . ونسأله سبحانه التوفيق لما يحب ويرضى ، وهو أرحم الراحمين .